المخ Cerebrum
يمثل المخ الجزء الأكبر من الدماغ الأمامي وفي الفقريات
عموما تعتبر زيادة حجم وتعقيد الدماغ الأمامي منحى تطوريا يميز هذه المجموعة من
الحيوانات حيث وجد أن زيادة تعقيد السلوك في هذه الحيوانات تسير موازية لحجم المخ
النسبي كما تسير متلازمة مع زيادة تلافيف المخ ومساحته السطحية. يتألف المخ من
قشرة cortex خارجية ومن نخاع medulla
داخلي. يتراوح سمك القشرة بين 2 - 4 مليمترا ولكنها مع ذلك تشكل أكثر من 80 % من
كتلة الدماغ وذلك بسبب تلافيفها العديدة التي تزيد من مساحتها السطحية. تحتوي
القشرة على أجسام العصبونات الهرمية التي تترتب في طبقات (شكل 1 - 10 ) بينما تمتد
محاور هذه العصبونات في المنطقة الداخلية من المخ التي تدعى النخاع.
الشكل 1-10: منظر سطحي للدماغ يبين الشقوق التي تقسم
الدماغ إلى فصوص والمساحات الحسية والحركية والارتباطية.
ويبدو أنه تحدث زيادة هائلة في حجم الدماغ خلال التطور
الجنيني إذ تتسع المادة الرمادية المشكلة لقشرة المخ أكبر بكثير من اتساع المادة
البيضاء ويؤدي هذا إلى التواء وتثني القشرة مشكلة تلافيف gyri
تفصل بينها أخاديد عميقة fissures كما توجد أخاديد
ضحلة تدعى شقوق sulci. أشهر الأخاديد العميقة الأخدود الطولي longitudinal
fissure الذي يقسم المخ إلى نصفي كرة مخيين cerebral
hemispheres يرتبطان ببعضهما بواسطة حزمة كبيرة من الألياف العرضية تدعى الجسم
الصلب
Corpus callosum تتيح تبادل المعلومات بين نصفي كرة المخ.
ويفسر هذا المنحى التطوري أهمية مساحة المخ السطحية لا حجمه. ولنضرب مثلا،
فالكيسيات ( الجرابيات marsupials ) التي تمثل ثدييات بدائية نسبيا يحتوي مخها
قليلا من التلافيف والانثناءآت بينما تمتلك القطط تلافيف أكثر منها كما تمتلك
الدلافين والحيتان الأرقى تلافيف أكثر من القطط ولا يفوقها في هذا المجال إلا
الإنسان الذي يمتلك مخه أكبر قدر من التلافيف ومن المساحة السطحية التي تبلغ حوالي
0.5 م.
فصوص المخ ومساحاته الوظيفية Cerebrallobes and functional areas
يبين شكل 1 - 10 أن المخ مقسم بواسطة شقوق إلى أربعة
فصوص في كل نصف كرة مخي، فالشق المركزي central sulcus
يفصل بين الفص الأمامي frontal والفص الجداري parietal
الواقع إلى الخلف كما يفصل الشق المخي الجانبي lateral cerebral
sulcus الفص الأمامي عن الفص الصدغي temporal
ويفصل الشق الجداري القفوي parietooccipital sulcus
الفص الجداري عن الفص القفوي occipital الذي يشكل مؤخرة
المخ. كما يوجد فص خامس يقع عميقا ضمن الشق المخي الجانبي وتحت كل
من الفص الجداري و الأمامي والصدغي، يدعى الجزيرة insula
نظرا الانعزاله حيث لا يمكن رؤيته بالنظر إلى سطح المخ. يمكن تميز ثلاثة أنواع من
المساحات الوظيفية في القشرة المخية هي المساحات الحسية sensory areas
التي تفسر السيالات الحسية، والحركية motor areas التي تسيطر على
الحركة العضلية، والتشاركية ( الارتباطية) association areas
وهي متعلقة بالعمليات العاطفية وبالذكاء والعمليات العقلية والتعليل وصفات
الشخصية، والإرادة وإصدار الأحكام. ونود أن نشير هنا إلى منطقتين وظيفيتين هما
المنطقة الحسية الأساسية أو منطقة الإدراك البدني الأساسية primary
somatosensory area والمنطقة الحركية الأساسية primary
motor area ووظائفهما، أما بقية المناطق الأخرى فيبين شكل 1 - 11 تلخيصا
لأسمائها ولوظائفها.
.
المنطقة الحسية الأساسية (منطقة الإدراك البدني الأساسية):
تقع خلف الشق المركزي وتدعى التلفيف خلف المركزي postcentral
gyrus area وتمتد في الفص الجداري من الأخدود الطولي على الجانبين حتى الشق
الجانبي. تستلم هذه المساحة إحساسات من المستقبلات الجلدية والعضلية والحشوية
للجسم إذ تستلم كل نقطة في هذه المنطقة الإحساسات القادمة من جزء معين من الجسم
حيث يمثل كل جزء من الجسم مكانيا في هذه المنطقة. لا يتناسب حجم الجزء في المنطقة
الحسية مع حجم العضو القادمة منه الإحساسات بل مع عدد المستقبلات الحسية الموجودة
في ذلك العضو، فالشفتان مثلا بمستقبلاتهما الحسية الكثيرة تمثل في المنطقة الحسية
بمساحة قد تكون أكبر مما يمثل به الصدر بالكامل (شكل 1 - 11). وفي تجارب مختلفة
وجد أن تنبيه جزء معين من تلك المنطقة يعطي إحساسا مماثلا تماما للإحساس الناتج من
تنبيه المستقبلات الحسية في العضو الممثل بالجزء الذي جرى تنبيهه، مع العلم بأن
المنطقة الحسية في الجانب الأيمن من الدماغ تستقبل الإحساسات الواردة من الجانب
الأيسر من الجسم و العكس صحيح.
الشكل 1-11 : القشرة الحسية البدنية في الجانب الأيمن والقشرة الحركية في الجانب الأيسر لنصفي كرة المخ.
المنطقة الحركية الأساسية :
تقع أمام الشق المركزي وتشكل التلفيفة قبل المركزية precentral
gyrus وهي تحتل موقعا مماثلا للمنطقة الحسية ولكن في الفص الأمامي.
تسيطرهذه المنطقة على حركات مجموعات العضلات في الجسم بحيث يؤدي تنبيه جزء معين من
تلك المنطقة إلى تحريك العضلات في عضو معين من الجسم (شكل 1 - 11) وينطبق على هذه
المنطقة ما ينطبق على المنطقة الحسية من حيث التمثيل فقد يحتل إبهام اليد ذو الحركات
المعقدة مساحة أكبر بكثير مما يحتله الكتف أو الجذع بكامله، كما ينطبق عليها ما
ينطبق على المنطقة الحسية من حيث أن تنبيه جزء معين في الجانب الأيمن من هذه
المنطقة يؤدي إلى تحريك عضلات معينة في جانب الجسم الأيسر والعكس صحيح.
المادة البيضاء للمخ Whitematter
تتشكل المادة البيضاء للمخ من ألياف مييلينية تجري
باتجاهات رئيسية ثلاثة :
1.
ألياف ارتباطية association
fibers : وهي تربط التلافيف المختلفة في نصف الكرة
المخي الواحد وتنقل بينها السيالات العصبية.
2.
ألياف رابطة وسيطة
:commissural fibers وتنقل السيالات العصبية
من التلافيف في نصف كرة مخي إلى التلافيف المناظرة في النصف الآخر ومن أمثلتها
الرباط الوسيط الأمامي والخلفي والجسم الصلب. يشكل الرباط الأخير ( الجسم الصلب)
الطريق الأساسي الربط نصفي كرة المخ ببعضهما البعض. وقد جرى فهم الكثير من وظائف
المخ وكيفية تفاهم نصفي كرته عن طريق التجارب التي أجريت على هذا التركيب فقد قام
أحد الباحثين بقطع هذا الرباط في بعض مرضى الصرع لتخفيف حدة التشنجات، حيث يدعى
الدماغ في هذه الحالة الدماغ المشقوق split brain. يبدو المريض في
هذه الحالة طبيعيا إلى حد كبير غير أنه لو أعطي وعيناه مغمضتان مفتاحا في يده اليسرى
وطلب إليه أن يتعرف عليه ويستخدمه في فتح قفل لفعل ذلك ولقام بوصف المفتاح وصفا
مناسبا غير أنه لا يستطيع أن يستخدم كلمة مفتاح للدلالة عليه بسبب كون مركز اللغة
في الجانب الأيسر من المخ و المعلومات الحسية عن المفتاح تصل من اليد اليسرى إلى
الجانب الأيمن من الدماغ وحيث أن الجسم الصلب الذي يتيح التفاهم بين جانبي المخ
مقطوع لذا فإن الربط بين كلمة مفتاح والجسم المحسوس كمفتاح لا يتم .
3.
ألياف إسقاطية projection
fibers :وتشكل مجار عصبية
صاعدة وأخرى هابطة تنقل السيالات العصبية بين المخ وأجزاء الدماغ الأخرى من جانب
والحبل الشوكي من جانب آخر، ومثالها المحفظة الداخلية internal capsule.
العقد القاعدية BasalGanglia (أو الأنوية المخية Cerebralnuclei)
تتكون العقد القاعدية من كتل مزدوجة من المادة الرمادية
موجودة في نصفي كرة المخ. يدعى أكبر هذه العقد الجسم المخطط corpus striatum
الذي تتكون من النواة الذيلية caudate nucleus والنواة العدسية
الشكل - g bus pallidus ذات الموقع المحوري (شكل 1 - 12 ) كما يمكن
اعتبار كل من المادة السوداء substantia nigra والنواة الحمراء
red
nucleus والنواة تحت المهادية subthalamic nucleus
أجزاء من العقد القاعدية. تعتبر الانوية القاعدية ذات علاقة كبيرة بالسيطرة على
النشاط الحركي كالحركات الواعية المتمثلة بتأرجح الذراعين أثناء المشي. ويمثل شكل
9 - 12 مجموعة الأنوية القاعدية وعلاقتها الوظيفية بالقشرة المخية وبالمهاد. يبدو
واضحا من الشكل أن الأنوية القاعدية تستلم إشارات من القشرة والمهاد والمادة
السوداء، كما إنها ترسل إشارات إلى القشرة المخية قبل الحركية وذلك عن طريق المهاد
مما يسمح لها بتعديل الأوامر الحركية الهابطة. كما إنها ترسل إشارات عصبية إلى
المادة السوداء وتتفاهم كذلك مع بعضها البعض. جدير بالذكر أن الوصلات بين العقد
القاعدية والمادة السوداء، والتي تفرز من نهاياتها الناقل العصبي دوبامين، تلعب
دورا مهما في أمراض الجهاز الحركي مثل مرض الرعاش (باركنسون) Parkinson'
disease
الذي يتميز بحدوث ارتجافات tremors منتظمة أثناء
الراحة وبصعوبة في بدء الحركة بسبب اضمحلال العصبونات الدوبامينية، ومثل مرضى
الرقص chorea الذي يصاحبه ارتجافات أثناء الحركة . كما
يجدر بالذكر أيضا أن العصبونات القادمة من المادة السوداء إلى العقد القاعدية
تحتوي دوبامين كناقل عصبي وإن تدهور هذه العصبونات يؤدي إلى حدوث مرض الرعاش.
الشكل 1-12: تستلم العقد القاعدية المتمثلة بالنواة الذيلية والقرن والنواة الشاحبة إشارات عصبية من القشرة المخية والمهاد والمادة السوداء ( اللون الأحمر) وترسل استجابات داخلية وأخرى إلى التراكيب السالفة الذكر ( اللون الأزرق) مما يسمح لها بتعديل الأوامر الحركية.
الجهاز الطرفي (الخلقي)Limbic system
تشكل بعض مكونات نصفي كرة المخ والدماغ البيني جهازا
وظيفيا يدعى الجهاز الطريفي. يتكون الجهاز الطريفي (الحلقي) (شكل 1 - 13) من مادة
رمادية تحيط بشكل حلقي بالجزء العلوي من جذع الدماغ وتضم مجموعة من التلافيف
والأنوية: التلفيف الثفني cingulate gyrus ونظير فرس البحر
parahippocampal
gyrus وفرس البحر hippocampus الذي يمتد ليشكل أرضية
البطين الجانبي في كل نصف كرة مخي، والتلفيف المسنن dentate gyrus
الذي يصل فرس البحر بنظيره والأجسام اللوزية amygdaloid bodies
الواقعة عند نهاية النواة الذيلية والأنوية الحاجزة (المقسمة ) septal
nuclei والأجسام الثديية mammillary bodies العائدة لتحت
المهاد والنواة الأمامية anterior nucleus للمهاد
والبصلتان الشميتان olfactory bulbs بالإضافة إلى
حزم من الألياف الميلينية التي تربط بين هذه التراكيب مثل الرواق أو القوس fornix
والخط النهائي والخط النخاعي والمسلك الثديي المهادي.
يتولى الجهاز الطريفي القيام بوظيفة أساسية هي إنشاء
العواطف مثل الألم واللذة والغضب والرعب والخوف والحزن والشعور الجنسي والألفة
والانجذاب ولهذا فإنه غالبا ما يطلق عليه الدماغ الحشوي أو العاطفي visceral emotional
) brain ) كما أن له دورا في الدوافع ذات الأهمية الحيوية لبقاء الفرد
والنوع. كما أن فرس البحر مع أجزاء من المخ له دور مهم في تشكيل الذاكرة memory.
ونظرا لأن تحت المهاد ( التي تدخل في تركيب الجهاز
الطريفي) تشكل طريقا التفريغ الاستجابات العاطفية والوظائف الحشوية الذاتية، لذا
فليس غريبا أن يقع بعض الأشخاص الذين يتعرضون لضغط عاطفي حاد ضحية لأمراض الأحشاء
كالقرحات واضطرابات القناة الهضمية وارتفاع ضغط الدم (تدعى أمراض جسمية نفسية) بل
وأكثر من ذلك أن تؤدي الصدمة العاطفية القوية كالخوف مثلا إلى الشلل أو إلى توقف
القلب. كذلك، وبما أن الجهاز الطريفي يتصل بمناطق القشرة الراقية لذا فإن العلاقة
تبدو واضحة بين مشاعرنا وبين أفكارنا. مثل هذه العلاقة تظهر أحيانا عندما يغلب شخص
ما عواطفه على المنطق الذي تمليه عليه القشرة المخية أو عندما يحدث العكس أحيانا
إذ نتخذ قرارا ضد ما تمليه علينا عواطفنا على الرغم من صعوبة تحديد الوصلات
العصبية بين أجزاء الجهاز الحلقي فإن التجارب أشارت إلى أن حدوث إصابات في الأجسام
اللوزية يؤدي إلى تغيرات في الشخصية وإلى اضطرابات عاطفية وإلى الرغبة في القتال و
تناول الطعام و الغريزة الجنسية .
الفصل التاسع:
·
الدماغ
·
العلاقة بين تحت المهاد
والغدد الصماء
·
دور تحت المهاد کساعة بيولوجية
·
المخ
·
المنطقة الحسية الأساسية
(منطقة الإدراك البدني الأساسية)
·
العقد القاعدية أو الانوية
المخية
·
أماكن خزن المعلومات ( أماكن
الذاكرة
·
دائرة منعكس رمش العين في
الأرنب
·
الأساس العصبي للذاكرة
والتعلم
·
التغيرات الفسيولوجية
الخلوية المصاحبة لبعض أنماط التعلم
·
الأهمية البيولوجية للنوم
والأحلام
·
الأهمية التطبيقية التخطيط
الدماغ وبعض اضطرابات النوم
·
المخيخ
·
مسالك قشرية شوكية أو مسالك
هرمية
·
أسماء المسالك العصبية
ووظائفها
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment